قديم 08-26-2013, 03:49 AM   المشاركة رقم: 1
الصورة الرمزية
الصورة الرمزية سوكراَ
الكاتبة:
اللقب:
ادارية سابقة
عرض البوم صور سوكراَ  
معلومات العضوة

التسجيل: 28-6-2013
العضوية: 96117
الدولة: .. ينبع البحر :$
المشاركات: 3,167
بمعدل : 0.80 يوميا
معدل التقييم:

الحالة:
سوكراَ غير متواجد حالياً

افتراضي

الحياء لا يأتي إلا بخير


_


بسم الله الرحمن الرحيم



الحياء خلق الإسلام , وقرين الإيمان , ومفتاح كل خير ,
وهو من أعظم الأخلاق التي تنأى بالعبد عن الرذائل , وتحجزه عن الوقوع في سفاسف الأمور ,
كما أنه من أقوى البواعث على الفضائل , وطلب معالي الأمور ,
ومن الأحاديث الجامعة التي تحث على هذا الخلق العظيم , وتبين منزلته وآثاره ,
حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت
) رواه البخاري.


فهذه الوصية العظيمة بالحياء , مما أثر عن الأنبياء المتقدمين , وتوارثه الناس عنهم ,
وتداولوه فيما بينهم قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل , حتى وصلت إلى هذه الأمة .


وقوله عليه الصلاة والسلام ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت
) قال بعض العلماء :
إنه أمر جاء على سبيل التهديد والوعيد , فيكون المعنى إذا لم تستح من الله فاصنع ما شئت ,
فإنه سيجازيك ويحاسبك عليه , كقوله تعالى : { اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير
}
(فصلت 40) .
ويحتمل أن يكون على سبيل الإخبار ,
ويكون المعنى أنك إذا فقدت
الحياء
فستفعل ما يحلو لك ,
ولن يكون هناك ما يمنعك من فعل القبائح بعد ضياع
الحياء
.


وحقيقة
الحياء
أنه خلق يبعث على ترك القبائح , ويمنع من التفريط في حق صاحب الحق ,
وهو مما ميز الله به الإنسان عن سائر المخلوقات , لكي لا ينساق وراء دواعي الشهوة ,
ونوازع الهوى , التي تدعوه إلى الوقوع فيما يُسْتَقْبَح ,
فإن البهائم هي التي تهجم على ما تشتهي دون حياء أو روِيَّة ,
ولذلك فإن بين اقتراف الذنوب وبين قلة
الحياء
وعدم الغيرة تلازم وارتباط وثيق ,
وكل منهما يدعو إلى الآخر , فإذا قل حياء المرء لم يبال بما اقترف من ذنوب ,
ومن عقوبات الذنوب نزع
الحياء
وقلته .


والحياء نوعان :


النوع الأول
: حياء جِبِلِّيّ فطري : وهو ما كان فطرة وجبلة في الإنسان ,
وهو من أعظم النعم التي يمن الله بها على من يشاء من عباده , لأنه لا
يأتي
إلا بالخير للعبد ,
فإن بعض الناس قد يكف عن القبائح والمعاصي ابتداءً لما فطر عليه من
الحياء
,
ومنه قوله عليه الصلاة والسلام لأشجِّ بني عصر :
( إن فيك خُلَّتين يحبهما الله عز وجل , قلت : ما هما ؟ قال : الحلم والحياء ,
قلت : أقديما كانتا فيَّ أم حديثا ؟ قال : بل قديما , قلت :
الحمد لله الذي جبلني على خُلَّتين يحبهما الله عز وجل ) رواه أحمد .


النوع الثاني
: حياء مكتسب : وهو من أعلى خصال الإيمان , ودرجات الإحسان ,
وهو الذي يمنع المؤمن من ارتكاب المعاصي خوفا من الله عز وجل ,
وهو الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حسن رواه الترمذي
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( استحيوا من الله حق
الحياء
, قلنا : يا رسول الله , إنا نستحيي والحمد لله , قال ليس ذاك ,
ولكن الاستحياء من الله حق
الحياء
, أن تحفظ الرأس وما وعى , والبطن وما حوى ,
ولتذكر الموت والبلى , ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ,
فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق
الحياء
) .


وإذا فقد العبد
الحياء
بنوعيه لم يبق له ما يمنعه من الوقوع في القبائح المعاصي ,
قال مالك بن دينار رحمه الله : "ما عاقب الله تعالى قلبا بأشد من أن يسلب منه الحياء
" .


ومما يبعث على
الحياء
, ترادف نعم الله على العبد , وتوالي إحسانه إليه ,
فإن الكريم لا يقابل الإحسان بالإساءة ,
ولو تفكر العبد في نعم الله عليه لمنعه ذلك من عصيانه حياء منه ,
يقول الجنيد رحمه الله :
"
الحياء رؤية الآلاء ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء
" ,
وإذا كان الواحد منا يستحيي ممن صنع إليه معروفا أن يقابله بالنكران والإساءة ,
فكيف لا يستحيي من ربه واهب النعم التي لا تحصى , وفي ذلك يقول القائل :


هــب الـبعث لم تأتـنا رُسْله وجـاحمة النار لم تُضرَمِ
أليس من الواجب المستحق حياء العباد من المنعم ؟!


والحياء منه الممدوح ومنه المذموم , وإنما يُعْرَفُ ذلك بثمرته ,
فإذا دعاك إلى الخير فهو المحمود , وإذا دعاك إلى غير ذلك ,
فهو العجز والخور والضعف والمهانة , وهو من خداع الشيطان وتلبيسه ,
كالحياء الذي يترتب عليه كتمان الحق , أو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ,
أو القعود عن طلب العلم والدعوة إلى الله ,
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ حياء من العذارء في خِدْرها ,
ومع ذلك لم يمنعه حياؤه من القيام بتكاليف الدين والدعوة والجهاد
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خير قيام .


بذلك تكون هذه الوصية بالحياء قد جمعت الخير من أطرافه ,
فعلى المسلم أن يفهم معنى
الحياء
الشرعي , وأن يجعله خلقا وسلوكا في حياته ,
وإن كان قد جُبِل عليه فليحمد الله على هذه النعمة ,
وإن لم يكن فيه فليحرص على اكتسابه وتحصيله.




مواضيع قد تعجبك:


رد مع اقتباس
جديد المواضيع في قسم الفتاة المسلمة حواء المسلمه فتاوى نسائيه


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO