العودة   منتديات شبكة حياة > حياة العامة > الفتاة المسلمة حواء المسلمه فتاوى نسائيه
التسجيل التعليمـــات المجموعات التقويم مشاركات اليوم البحث

عليكِ بدفء الأسرة وإياك وصقيع الأصدقاء

عليكِ بدفء الأسرة وإياك وصقيع الأصدقاء بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلقنا في أحسن تقويم، وربانا على موائد بره وخيره العميم، أحمده- سبحانه-

الفتاة المسلمة حواء المسلمه فتاوى نسائيه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-24-2013, 12:12 AM   المشاركة رقم: 1
الصورة الرمزية
الصورة الرمزية صفحة أمل
الكاتبة:
اللقب:
مشرفة قسم الفتاة المسلمة
عرض البوم صور صفحة أمل  
معلومات العضوة

التسجيل: 8-1-2013
العضوية: 86620
الدولة: لبنان
المشاركات: 549
بمعدل : 0.13 يوميا
معدل التقييم:

الحالة:
صفحة أمل غير متواجد حالياً

حصري

عليكِ بدفء الأسرة وإياك وصقيع الأصدقاء


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلقنا في أحسن تقويم، وربانا على موائد بره وخيره العميم، أحمده- سبحانه- وأشكره، وهو الحكيم العليم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
أخواتي الحاضرات..
يظل الزواج ضرورة اجتماعية لبناء الحياة، وتكوين الأسر، وتنظيم أقوى الوشائج، وأوثق العلاقات، واستقامة الحال، وهدوء البال، وراحة الضمير، وأنس المصير، كما أنه أمرٌ تقتضيه الفطرةُ قبل أن تدعو وتحث عليه الشريعة، وتتطلبه الطباع السليمة، والفطر المستقيمة.
أخيتي ...إنه حصانة وابتهاج، وسكن وأنس واندماج، قال تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) فكم خفف هماً، وكم أذهب غماً، به تتعارف القبائل، وتقوى الأواصر، فيه الراحة النفسية، والطمأنينة القلبية، والتعاون على أعباء الحياة الاجتماعية، ويكفيه أنه آية من آيات الله تبارك وتعالى.
وإليكِ غاليتي تعريف الأسرة :
قال ابن منظور: "أُسرةُ الرجل: عشيرتُه ورهطُهُ الأدْنَوْنَ لأنه يتقوى بهم، والأُسرةُ عشيرةُ الرجل وأهلُ بيته". وقد جاء في كتاب الله-عز وجل- ذِكْرُ الأزواج والبنين والحفدة، بمعنى الأسرة، قوله تعالى: (والله جَعَلَ لَكُم من أَنفُسِكُم أَزوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِن أَزَوَاجِكُم بَنِين َ وَحَفَدَة وَرَزَقَكُم مِن الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُم يَكْفُرُون )، يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله-: "يُخبر تعالى عن منَّتِه العظيمة على عباده، حيث جعل لهم أزواجا، ليسكنوا إليها، وجعل لهم من أزواجهم، أولاداً تَقَرُّ بهم أعينُهم ويخدمُونهُم، ويقضُون حوائِجَهم، وينتفعون بهم من وجوه كثيرة، ورزقهم من الطيبات من المآكل، والمشارب، والنعم الظاهرة، التي لا يقدر العباد أن يحصوها.
أيتها المسلمات قبل أن نعرف دور الإسلام في بناء وتنظيم الأسرة وحمايتها لابد أن نعلم ماذا كانت الأسرة قبل الإسلام وعند الغرب في هذا الزمان .
فأصغين إلي بارك الله فيكن...
كانت الأسرة قبل الإسلام تقوم على التعسف والظلم ، فكان الشأن كله للرجال فقط أو بمعنى أصح الذكور، وكانت المرأة أو البنت مظلومة ومهانة ومن أمثلة ذلك أنه لو مات الرجل وخلف زوجة كان يحق لولده من غيرها أن يتزوجها وأن يتحكم بها ، أو أن يمنعها من الزواج ، وكان الذكور الرجال فقط هم الذين يرثون وأما النساء أو الصغار فلا نصيب لهم ، وكانت النظرة إلى المرأة أماً كانت أو بنتاً أو أختاً نظرة عار وخزي لأنها كانت يمكن أن تسبى فتجلب لأهلها الخزي والعار فلذلك كان الرجل يئد ابنته وهي طفلة رضيعة كما قال تعالى : ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) النحل / 58 .
وكانت الأسرة بمفهومها الأكبر – القبيلة – تقوم على أساس النصرة لبعضها البعض ولو في الظلم إلى غير ذلك فلما جاء الإسلام محا هذا كله وأرسى العدل وأعطى كل ذي حق حقه حتى الطفل الرضيع ، وحتى السقط من احترامه وتقديره والصلاة عليه .
والناظر إلى الأسرة في الغرب اليوم يجد أُسراً مفككة ومهلهلة فالوالدان لا يستطيعان أن يحكما على أولادهما لا فكريا ولا خلقيا ؛ فالابن يحق له أن يذهب أين شاء أو أن يفعل ما يشاء وكذلك البنت يحق لها أن تجلس مع من تشاء وأن تنام مع من تشاء باسم الحرية وإعطاء الحقوق وبالتالي ما النتيجة ؟ أسرٌ مفككة ، أطفالٌ ولدوا من غير زواج , وآباء وأمهات لا راعي لهم ولا حسيب وكما قال بعض العقلاء إذا أردت أن تعرف حقيقة هؤلاء القوم فاذهب إلى السجون وإلى المستشفيات وإلى دور المسنين والعجزة ، فالأبناء لا يعرفون آباءهم إلا في الأعياد والمناسبات .

والشاهد أن الأسرة محطمة عند غير المسلمين فلما جاء الإسلام حرص أشد الحرص على إرساء وتثبيت الأسرة والمحافظة عليها مما يؤذيها، والمحافظة على تماسكها مع إعطاء كل فرد من الأسرة دوراً مهماً في حياته :
فالإسلام أختي الحبيبة ... أكرم المرأة أما وبنتا وأختا ، أكرمها أماً : فعن عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال: أمك ، قال ثم من ؟ قال : ثم أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك ، قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك " . رواه البخاري ( 5626 ) ، ومسلم ( 2548 ) .
وأكرمها بنتا : فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن دخل الجنة" . رواه ابن حبان في صحيحه ( 2 / 190 ) .
وأكرمها زوجة : فعن عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " . رواه الترمذي ( 3895 ) وحسَّنه .
وأعطى الإسلام المرأة حقها من الميراث وغيره ، وجعل لها حقا كالرجل في شؤون كثيرة قال عليه الصلاة والسلام :" النساء شقائق الرجال " رواه أبو داود في سننه (236) من حديث عائشة وصححه الألباني في صحيح أبي داود 216 .
وأوصى الإسلام بالزوجة ، وأعطى المرأة حرية اختيار الزوج وجعل عليها جزء كبير من المسؤولية في تربية الأبناء .
وجعل الإسلام على الأب والأم مسؤولية عظيمة في تربية أبنائهم : فعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كلكم راع ومسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته " قال: فسمعت هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري ( 853 ) ، ومسلم ( 1829 ) .
واسمعي ايتها الحبيبة حرص الإسلام على غرس مبدأ التقدير والاحترام للآباء والأمهات والقيام برعايتهم وطاعة أمرهم إلى الممات :
قال الله سبحانه وتعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما او كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ) الإسراء / 23 .
وحمى الإسلام الأسرة في عرضها وعفتها وطهارتها ونسبها فشجع على الزواج ومنع من الاختلاط بين الرجال والنساء .
وجعل لكل فرد من أفراد الأسرة دورا مهما فالآباء والأمهات الرعاية والتربية الإسلامية والأبناء السمع والطاعة وحفظ حقوق الآباء والأمهات على أساس المحبة والتعظيم ، وأكبر شاهد على هذا التماسك الأسري الذي شهد به حتى الأعداء .
ولكننا إذا ألقينا نظرة على حال الأسرة المسلمة اليوم؛ نجد أن رياح التغيير قد هبت عليها، وتسربت إليها الأدواء الفتاكة التي أصابتها في كبدها، فأصبحت تعيش في جو مملوء بالضباب، مكدر بالتباعد بين أفرادها الذين يعيشون حياة جافة بعيدة عن الجو الأسري الحميم، القائم على التعاطف والتفاهم والحنان والمشاعر القلبية الصادقة والاحترام المتبادل، وطفا على السطح الأسري، العناد والفوضى والأنانية والجفاف العاطفي، وأصبح أفراد الأسرة أحياناً يعيشون كخصوم في حلبة مصارعة ينتهز كل طرف الفرصة ليسدد للطرف الآخر الضربات القوية واللكمات الموجعة.
أختي المسلمة عند التأمل لمسببات مثل هكذا أوضاع أسرية فنجدها ترجع إجمالاً إلى:

أولاً :انشغال الأب عن أفراد أسرته؛ إما بأصدقائه وجلسائه، وإما بعمله ومشاريعه؛ فيصبح تواجده في بيته يكاد شبه معدوماً إلا وقت الأكل والنوم فحسب.
ثانياً: اختصار مهمة رب الأسرة في تربية أبنائه في حدود توفير الغداء والكساء، أما الحوار و العلاقات الحميمة والتوجيهات التربوية، فليس في مخيلة الأب.
ثالثاً: إهمال الزوجة هي الأخرى لشؤون بيتها نتيجة بعض التقاليد والعادات الاجتماعية الضارة بكثرة لقاء الصديقات والتواصل الدائم بالهاتف معهن والخروج المستمر من المنزل لحاجة وغير حاجة، فيضيع وقتها في ثرثرات فارغة، وأحاديث تافهة، مع أن البيت هو مقر الراحة والسعادة وتربية الأولاد.
رابعاً: أجهزة الإعلام من تلفزة، وقنوات فضائية، و(كمبيوتر) وانترنت، فقد استحوذت عند فئام من الأسر على جلِّ أوقاتهم في متابعة المسلسلات المدبلجة، والأفلام الرومانسية التي لا تقدم نافعاً للأمة غير ضياع تميزها وتمييع ثوابتها وقيمها، بل تزيد الطين بله فتنشأ معها الخلافات والصراعات بين الأزواج محاكاة وتقليداً لهذه الأعمال الفنية.
أما العلاج لهذه المعضلة الأسرية وهي غياب الدفء الأسري إلا بالعودة إلى الأسس والمبادئ التي وضعها الخالق عزّ وجل، وعبر عنها القرآن الكريم أروع تعبير، كما في قوله تعالى:{ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ }(البقرة: 187)فهي علاقة امتزاج وستر مشترك بكل معانيه ومقتضياته؛ وأكد عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور:" كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته " الحديث؛ هنالك تعقد الجلسات الخاصة والحوارات والتوجيهات التربوية الهادفة بين الآباء والأبناء ينبعث منها أريج الحنان والود والتلاحم العائلي .
وإليك اخيتي أهمية الأسرة وعناية الإسلام بها:
إن نظام الأسرة ينبثق من معين الفطرة وأصل الخلقة وقاعدة التكوين الأولى للأحياء جميعًا وللمخلوقات كافّة، قال جل شأنه: (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ), وقال سبحانه: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ).
إن النظام الإسلامي يجعل الأسرة هي العمود الفقري الذي يقوم عليه المجتمع الإسلامي، وقد أحاطها الإسلام برعايةٍ عظيمةٍ في كل مراحل تكوينها، وقد استغرق تنظيمها وحمايتها وتطهيرها من فوضى الجاهلية جهدًا كبيرًا، وأحاطها كذلك بكلِّ المقومات اللازمة لإقامة هذه القاعدة الأساسية الكبرى للمجتمع المسلم.
ونظرًا لأهمية هذه القاعدة في تكوين النظام الاجتماعي ربطها الإسلام بجاذبية الفطرة بين الجنسين؛ حيث أودع في كل طرف رغبة ملحة للطرف الآخر لتحقيق المودة والسكينة التي يبحث عنها كل منهما لدى الآخر، وما ذاك إلّا لتتجه إلى إقامة الأسرة القوية, وتكوين البيت الصالح الذي يتكون من مجموعهما المجتمع الصالح، قال جل شأنه : (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}3, وقال عز من قائل: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا).
إن الأسرة هي الوضع الفطري الذي ارتضاه الله تعالى لحياة الناس منذ فجر الخليقة وفضله لهم، واتخذ من الأنبياء والرسل مثلًا، فقال سبحانه: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً).

ويبحث عنها لدى الطرف الآخر، وتلك السكينة التي تظلل هذه الخلية الناشئة، وهذه المرحمة التي تغمر قلبي طرفيها، هذه المعاني كلها تجعل الرجل يندفع للارتباط بأنثاه، مضحيًّا من أجلها بماله، ومغيرًا طريقه حياته, مستبدلًا بروابطه السابقة روابط أخرى.. وهي التي تجعل المرأة تقبل الانفصال عن أهلها ذوي الغيرة عليها، وتترك أبويها وإخوتها وسائر أهلها لترتبط بالزواج برجل غريب عنها, تقاسمه السرّاء والضرّاء، وتسكن إليه ويسكن إليها، ويكون بينهما من المودة والمرحمة أقوى من كل ما يكون بين ذوي القربى، وما ذلك إلّا لثقتها بأن صلتها به ستكون أقوى من أيِّ صلة، وعيشتها معه أهنأ من كل عيشة، وهذا ميثاق فطري من أغلظ المواثيق وأشدها إحكامًا.
من أهم المقاصد التي أرادها الإسلام من تكوين الأسرة:
1- تنظيم الطاقة الجنسية:
هذه الطاقة خلقت في الإنسان سواء كان ذكرًا أم أنثى لتحقيق غاية جليلة، وهي التناسل والتوالد والتكاثر بغرض استمرار الجنس البشري لتتحقق العمارة التي أرادها الله تعالى للأرض.
وإنما شرع الزواج والأسرة ليكون الزواجُ أداةً, وتكون الأسرة وعاءً شرعيًّا نظيفًا لاستقبال هذه الطاقة وتوظيفها في المحل الصحيح.
ولولا الزواج الذي هو تنظيم لتلك الفطرة المشتركة بين الإنسان والحيوان لتساوى الإنسان مع غيره من أنواع الحيوان في سبيل تلبية هذه الفطرة عن طريق الفوضى والشيوع، وعندئذ لن يكون هو الإنسان الذي كرَّمه ربه ونفخ فيه من روحه، ثم منحه العقل والتفكير، وفضَّله على كثير من خلقه مصداقًا لقوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).
إن الإسلام لا ينظر إلى هذه الطاقة كمجرد أمر واقع, ولكنه يعاملها بالتقدير باعتبارها وسيلة لغاية جليلة، وقد قال -صلى الله عليه وسلم:"إن في بضع أحدكم صدقة" -أي: إن الرجل يثاب على العمل الجنسي الذي يأتيه مع زوجته- قيل يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر..."2.
وإن ذكر الله تعالى قبل بدء الاتصال بين الرجل وزوجته، وهو ما أدّب النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين على فعله؛ ليدل دلالة قاطعة على مدى نظافة الجنس في نظر الإسلام، وعلى مدى رغبته في تأصيل هذه النظافة في حس المسلم3.
2- بقاء النوع الإنساني:
الإنسان مجبول على حب البقاء، وإذا كان الإنسان لا سبيل إلى بقائه بذاته، فإن سبيله إلى البقاء إنما هو النسل المعروف نسبته إليه، حيث يراه امتداد في بقائه واستمرارًا لذكراه وخلودًا لحياته.
وقد حثَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على طلب النسل وحبَّبَ إليه، فعن معقل بن يسار -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال، وأنها لا تلد فأتزوجها؟ قال: لا، ثم أتاه الثانية، فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم" رواه أبو داود والنسائي4.
3- حسن التربية للأجيال القادمة:
إن الأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الفراخ الناشئة ورعايتها وتنمية أجسادها وعقولها وأرواحها، وفي ظله تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتكافل, وتنطبع بالطابع الذي يلازمها مدى الحياة، وعلى هديه ونوره تتفتح للحياة, وتفسر الحياة, وتتعامل مع الحياة.
ونظرًا لأن الطفل الإنساني هو أطول الأحياء طفولةً؛ إذ هي فترة إعداد وتهيؤ وتدريب للدور المطلوب منه في الحياة في باقي حياته، لذا كانت حاجته لملازمة أبويه أشد من حاجة أيّ طفل لحيوان آخر، وكانت الأسرة المستقرة الهادئة ألزم للنظام الإنساني وألصق بفطرة الإنسان وتكوينه ودوره في هذه الحياة.
وقد أثبتت التجارب العملية أن أيَّ جهاز آخر غير جهاز الأسرة لا يعوّض عنها ولا يقوم مقامها, بل لا يخلو من أضرار مفسدة لتكوين الطفل وتربيته, ولاسيما نظام دور الحضانة الجماعية التي أرادت بعض النظم المتعسفة أن تستعيض بها عن نظام الأسرة.
ومن أعجب العجب أن نجد كثيرًا من الفلسفات المعاصرة بدأت تشجع عمل المرأة وتركها للمنزل أكبر فترة ممكنة تاركةً أبناءها إما للحاضنات أو للخادمات، وهي تضحية كبيرة بأعلى رصيد للمستقبل وهم الأطفال, في مقابل ما يسمى بزيادة دخل الأسرة أو تكوين شخصية المرأة وغير ذلك من الدعاوى1.
4- عمارة الأرض:
إن الأسرة هي العماد الذي يقوم عليه كل ما ينشأ في هذه الحياة من مظاهر التحضر والعمران, لذلك شاءت إرادته تعالى حينما أزف رحيل آدم -عليه السلام- من الجنة ليهبط إلى الأرض ليبدأ الحياة والعمران -كما سبقت بذلك الإرادة- أن خلق له من نفسه من تشاركه في هذه الحياة وفي إقامة هذا العمران؛ حيث يتولى هو بما أوتي من قدراتٍ عقلية وبدنية تهيئة الأسباب المادية لهذا العمران, وتتولى هي تهيئة ما
يحتاجه هذا الإنسان الكادح من راحةٍ نفسيِّة واحتياجات بدنية في منزله، ثم تنجب له الأولاد الصالحين والبنات الصالحات لتستمر الحياة وتتواصل الأجيال، كل يحاول بحسب قدراته أن يضيف إلى ما وجد من أسباب العمارة والازدهار, وهكذا كانت الأسرة ولا تزال هي محور عمارة هذه الأرض ومصدر حضارتها وتقدمها المستمر.
5- حفظ الأنساب:
قال جل شأنه: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً}1 فلا بُدَّ للإنسان السويِّ أن يكون منتسبًا إلى أسرة مكونة من أب معروف وجَدٍّ معروف وأم وجدة كذلك، ومن عوامل الاستقرار النفسي لدى الإنسان كذلك أن يشعر بأن له أبناء وأحفادًا ينتمون إليه ويحملون اسمه ولقبه.
وبناءً على ذلك تتقرر الحقوق والواجبات داخل الأسرة من تربية وحضانة ونفقة وإرث, وغير ذلك من الأحكام الشرعية التي لولا البناء السليم للأسرة لما أمكن ترتيب هذه الحقوق أو توفيتها2.

ومن مظاهر عناية الإسلام بالأسرة:
لم يحظَ تشريع إسلامي -فضلًا عن غيره- باهتمام واسع من الشريعة الإسلامية بمثل ما حظي به تشريع الأسرة؛ فقد تناول كل مراحل تكوين الأسرة وقيامها، ثم المحافظة على بنيانها قويًّا متماسكًا حتى تستطيع الوفاء بالرسالة الإنسانية والحضارية التي أرادها المولى سبحانه منها, وقد أوصى بحسن اختيار عن رغبة حقيقية ورضى قلبي غير مشوب بأيِّ عاملٍ من العوامل التي تؤثر في إرادة الإنسان، ورسم الأساس الذي ينبغي أن يقوم عليه هذا البنيان، فجعل الدين هو الأصل في الاختيار.

ففرق بين أسرة يسودها التآلف والتعاون والحب والحنان والدفء العاطفي وعلاقات المودة والرحمة وبين أسرة مفككة الأوصال ميتة المشاعر والأحاسيس يسودها دوماً القلق والفوضى.
فنجد أن كثير من الأسر تعاني بفتور بالعلاقات بين افرادها بالمنزل . والتي قد تؤدي إلي حدوث أخطار على الأسرة، وهو تفككها وعدم وجود روح التعاون الجماعي بين أفرادها.
أما العائلة التي تعيش حالة من التماسك والوحدة يتمتع أفرادها بصحة جيدة، وتعرضهم للأمراض أقل بكثير من أفراد العائلة التي تغيب عنها مقومات التماسك والترابط العائلي.
ورغم أنه ليس من السهل تحقيق التماسك بين أفراد العائلة؛ ولكنه ليس بالمستحيل أيضًا، فتماسك العائلة يعني نجاح أفرادها في الدراسة والعمل والحياة اليومية، بالإضافة إلى الثقة بالنفس أمام المجتمع .
وإليكِ إيتها الغالية نصائح مهمة جدًّا لتحقيق التماسك والوحدة بين أفراد الأسرة، وهي:

الاعتراف بالخطأ
أفضل حل لتصحيح الخطأ هو الاعتراف به أولاً، ومن ثم محاولة تصحيحه بالشكل السليم. ولن تفيد أي جهود لتصحيح الخطأ إذا لم يكن هناك اعتراف به.
ويجب ان تحرص كل أم علي تعليم أبنائها إدراك أخطائهم تجاه بعضهم البعض والاعتذار عن ذلك الخطأ وتحمل المسؤولية

التزام الحدود بالمعاملات
يجب علي كل فرد من أفراد العائلة الالتزام بالحدود التي يمنحها له الاخرين للتمتع بالراحة النفسية في العلاقات بين افراد الاسرة الواحدة .
"هذا يبدأ منذ الصغر، ذلك أن التعود على الفوضى يزيل جميع الحدود ويؤدي إلى تشابك العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة بحيث لا يعرف من هو الكبير ومن هو الصغير، وتغيب المعايير التي يتم على أساسها رسم الحدود".

إظهار العاطفة العائلية
يجب إظهار الحب والاحترام والاعتراف إن كانت هناك عواطف سلبية. لأن إخفاءها يؤدي إلى حدوث تراكمات قد تؤثر تأثيرًا سلبيًّا على العلاقات بين أفراد الأسرة.

تجنب الروتين
من واجب أفراد العائلة التطرق لمواضيع مختلفة واتباع الحداثة في الحياة اليومية. فإن كان لدى أحدهم أمر جديد يطرحه، وإن كان هناك موضوع جديد يكسر الروتين يجب الحديث عنه أيضًا. فالروتين قد يؤدي إلى فتور العلاقات.

وقت للاستمتاع الجماعي
ينبغي على الأسرة إيجاد أوقات للاستمتاع الجماعي كالذهاب في نزهات جماعية، وكذلك حضور المناسبات والأفراح بشكل جماعي.

التعاون في الشؤون المنزلية
يجب أن يكون التعاون هو الأساس في العلاقة بين أفراد الأسرة، وحذاري من الاعتماد على الأم أو الأخت فقط في ترتيب الشؤون المنزلية؛ لأن ذلك يعتبر مسؤولية الجميع. "ليس هناك عيب من قيام الأب أو الابن بتنظيف وترتيب الشؤون المنزلية".

التمتع بمزاج جيد
رغم أن هذا الأمر يتطلب جهدًا من النفسية البشرية، إلا أن التمتع بمزاج جيد، هو نوع من التمرين، يؤدي إلى نشر جو من التفاؤل والبهجة داخل الأسرة؛ لذلك يجب على من يتمتع بروح الدعابة بين أفراد الأسرة أن يضحك البقية.

التجمع علي طاولة الطعام
لجلوس العائلة إلى مائدة الطعام دور في الحصول على نظام الغذائي صحّي وله أثر إيجابي كبير في توازن غذاء الطفل وسلوكه، مما يعني أثرًا إيجابيًا في وزنه.
فالمائدة العائلية تسمح للطفل والمراهق بالحصول على غذاء صحي ومتنوع. إذ يرافق تناول الطعام ضمن العائلة تناول كميات كبيرة من الفواكه والخضر ومشتقات الأجبان والألبان، واستهلاك أقل للمقالي والسكريات والمشروبات الغازية
حين نتجول في أسر السلف الصالح تتلألأ هذه النماذج.

يقول القاسم بن راشد الشيباني: "كان رفعة بن صالح نازلا عندنا، وكان له أهل وبنات، وكان يقوم فيصلي ليلا طويلا، فإن كان السحر نادى بأعلى صوته. .قال: فيتواثبون: من هنا باك، ومن هاهنا داع، ومن ها هنا قاري، ومن هاهنا متوضئ، فإذا طلع الفجر نادى بأعلى صوته: عند الصباح يحمد القوم السرى".

وانتبهت امرأة حبيب العجمي بن محمد ليلة وهو نائم، فنبهته في السحر وقالت له: "قم يا رجل، فقد ذهب الليل وجاء النهار، وبين يديك طريق بعيد وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت ونحن قد بقينا".

وكان للحسن بن صالح جارية فباعها من قومن فلما كان جوف الليل قامت الجارية فقالت: يا أهل الدار الصلاة، فقالوا: أصبحنا؟ أطلع الفجر؟ فقالت: وما تصلون إلا المكتوبة؟ قالوا: نعم، فرجعت إلى الحسن فقالت: يا مولاي، بعتني من قوم لا يصلون إلا المكتوبة، ردني، فردها.

وعن إبراهيم بن وكيع قال: "كان أبي يصلي فلا يبقى في دارنا أحد يصلي إلا صلى، حتى جارية لنا سوداء".

وعن ابن عثمان النهدي قال: "كان أبو هريرة- رضي الله عنه- وامرأته وخادمه يتعقبون الليل أثلاثا، يصلي هذا، ثم يوقظ هذا، ويصلي هذان ثم يوقظ هذا".

هذه الأسر بمنهجها هذا، تمثل قلعة من قلاع الدين، إنها أسر مؤمنة في سيرتها، متماسكة من داخلها، حصينة في ذاتها، مثلها الأعلى أسوة وقدوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسر قائمة على الاستمساك بشرع الله المطهر، الصدق والإخلاص، والحب والتعاون، والاستقامة والتسامح، والخلق الزكي.

والحديث عن الأسرة له أهميته، فهي حجر الزاوية في بناء المجتمع، والقاعدة التي يقوم عليها بناء الأمة، ألا ترى أولئك النابغين من التابعين كيف ملأوا التاريخ بطولة ومثلا وقيما؟

لقد كانت الأسرة في حياتهم تمثل أهم عناصر النبوغ، وزرع الهمة العالية منذ نعومة أظفارهم، وهذا ما قد يفسر لنا سر اتصال سلسلة النابغين من أبناء أسر معينة كآل تيمية مثلا.

وهل كان يمكن لأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أن يقوم بواجبه في تجديد الدين، ويتهيأ له، لولا البيئة الصالحة والأسرة الكريمة التي وجهته إلى المعالي، وبذرت الهمة العالية في قلبه منذ الطفولة.؟

لهذا عني الإسلام ببناء الأسرة وأحكامها من بدء الخطبة إلى عقد الزواج، وبين واجبات الزوجين، والأبناء، والأقربين، شرع النفقات، والطلاق، والميراث، أحاط الأسرة بالرعاية والحماية، وأمن لها الاستقرار والمودة، خطب المغيرة بن شعبة امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما » [رواه الترمذي]. أي أجدر أن تتآلفها، وتجتمعا وتتفقا.

لحفظ الأسرة بين الإسلام أسباب الألفة، ووسائل حسن المعاشرة، شيد صرح المحبة بين أفرادها بتأسيس حقوق معلومة.

حذر الإسلام من هدم الأسرة، وحث على تماسكها، ونفر من زعزعة أركانها، وانفصام عراها.

وإذا اشتدت الأزمات، شرع الطلاق في أجواء هادئة، بمعزل عن أحوال الغضب الهوجاء.

واعتبر إيقاع الطلاق الثلاث دفعة واحدة سلوكا طائشا ولعبا بكتاب الله- عز وجل-.
إن الكيان الأسري ليس امرأة فقط، وليس رجلا أيضا، إنما هو كيان متكامل، للمرأة وظيفة أنثوية، وللرجل وظيفته المكملة، ولو تعاضدا وتشاورا وأدى كل منهما رسالته في التربية والبناء لما أصيب السواد الأعظم من الأسر بالخور، والفشل، والضعف، والهلاك.

وإنك لتحزن لذلك الدفق الهائل من السموم عبر "الفضائيات" لمسخ الأسرة المسلمة، وهدم نظامها بالدعوة إلى تحرير المرأة والتمرد على قوامة الرجل، ورفض بل نزع الحجاب، والنكوص على الأعقاب بتزيين العري والاختلاط، ومحاربة القيم، وتعدد الزوجات، ناهيك عن الدعوة إلى تأخير الزواج،، حيث يصورونه أغلالا، وقيودا تكبل الحرية، وتحجز عن الانطلاق، ثم لوثوا العقول، وأفسدوا القلوب بعلاقات مشينة سموها صداقة، وزمالة، ومخادنة!..

ومما يؤسف له أن هذه الأسر المغزوة من قبل أعدائها، مهددة من قبل أصحابها المسؤولين عنها.

حين تنشأ الأسرة على قاعدة هشة من الجهل بمقاصد الزواج السامية، والحقوق الشرعية المتبادلة، وفن التعامل، بحيث يكون الزوجان لم يهيآ ويتهيأ لتحمل مسؤولية الحياة وتبعاتها، وجد العيش وتكاليفه، فيكون السقوط السريع والمريع عند أول عقبة في دروب الحياة.

ذلك أنهم يظنون أنها حياة تمتع دائم لا ينقطع، وسرور لا ينغص، وبهجة لا تنطفئ، مع أحلام وردية، وأمان ساحرة.

لهذا ترى هذا السيل الجارف المحزن من حالات الطلاق بلا أسباب مقنعة أو خلافات جوهرية، بل تذهل لسماع قذائف من ألفاظ تحمل في طياتها طلاقا بائنا، لا تراعي فيه ضوابط الشرع، وهكذا يكسر هذا الكيان الصغير الجميل، والبيت الذي كانت تظلله سحائب المحبة والوئام، يكسر بمعاول الجهل والغرور، والمكابرة والعناد وهوج التفكير، وخطله.

وما أفظعها من خاتمة مروعة موجعة، هي قرة عين الشيطان، فعن جابر- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجي أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا قال: ثم يجي أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال: فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت، فيلتزمه » [أخرجه مسلم].

وأفيقي أخية واحذري من الشيطان حين يفلح في فك روابط الأسرة، لا يهدم بيتا واحدا، ولا يضع شرا محدودا، إنما يوقع الأمة جمعاء في شر بعيد المدى، ذلك أن الأمة التي يقوم بناؤها على لبنات ضعيفة، من أسر مخلخلة وأفراد مشردين، وأبناء يتامى لن تحقق نصرا، ولن تبلغ عزا، بل تتداعى عليها الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعة الطعام.

أيها الأزواج:
إن شراب الحياة الهنيئة قد يتخلله رشفات مرة، والحياة الأسرية لا تخلو من مكدرات ومتاعب، ثم لا تلبث أن تنقشع غيومها، وتتذلل عقباتها ويذوب جليدها بالصبر والحكمة، وضبط النفس، والفطنة، فمن من البشر لا يخطئ؟ من من الناس بلا عيوب؟ ومن منهم لا يغضب أو يجهل؟
وما أعقل وأحكم أبا الدرداء- رضي الله عنه- وهو يخاطب زوجته: "إذا رأيتني غاضبا فرضيني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب".

ومن الأخطار المحيطة بالأسرة تأرجح مفهوم القوامة بين الإفراط والتفريط، فهي عند فريق من الناس قسوة من الزوج تنتشر في أرجاء الدار، وعواصف من الرهبة والفزع، وعبوس لا استعطاف معه ولا حوار، في جو قهري يتمثل في التنفيذ دون مناقشة ولا تردد، وهي عند فريق آخر تتمثل في ميوعة يفقد البيت فيها قوامة الرجل، وفي فوضى مروعة في إدارة شؤون الأسرة.

والأدهى أن يكون رب الأسرة حاضرا جسدا مفقودا تربية وقيادة، فتشق سفينة الأسرة طريقها في الحياة، فتتمايل بها الأهواء، وتتجاذبها العواصف دون أن يكون لها قائد يضبط حركتها، وقيم يوجه سيرها.
إن قيم الأسرة حاضر جسدا ومادة، لكنه غائب إصلاحا وتوجيها، إنه لا يتأخر في سبيل شهواته وملذاته، لكنه يغفل عن متطلبات التربية والبناء.
لقد سلم دفة قيادة الأسرة لجلساء وأصدقاء، قد تكون أحوالهم مجهولة، ولتلك الشاشة الفضية التي تغرس بفضائياتها مبادئ الرذيلة، والانحراف، وتهدم أخلاق الأسرة، وقيمها الإسلامية.
وقد تتشرب الأسرة مع الزمن تلك المبادئ الهزيلة، ثم لا تلبث أن تسير في ركابها فتحاكيها فكرا، وتسايرها خلقا، وتقلدها لباسا، فتكون العاقبة ندما، والثمرة مكروها.

قيم الأسرة
أين قيم الأسرة؟ أين قائدها؟ إنه في الصباح يكد في عمله، وفي الظهيرة مستلق على فراشه، ثم ينطلق مساء في لهو أو دنيا، ولا يعود إلا مكدود الجسم، مهدود الفكر، وبهذا يفقد القدرة على تربية الأولاد، ويزداد الخطب حين تخرج المرأة للعمل، فيصبح البيت حديقة مهجورة، على بعض أشجارها طيور يتيمة محرومة من الأب والأم، وأصبحت بعض البيوت محطة استراحة للزوجين، أما الأبناء فعلاقتهم بالآباء علاقة حسن الجواز.

اختي هل تعلمين ما هي القوامة الفعالة
إن القوامة تعني القدوة في الإيمان والاستقامة.
إن القوامة ليست مجرد توفير طعام وشراب، وملبس ومسكن، إنها مسؤولية الاضطلاع بشؤون أسرة كاملة، تبدأ من الاهتمام بشؤون شريكة الحياة: الزوجة أخلاقها وسلوكها، ثم لا تلبث أن تشمل الأبناء والبنات، إنها مسؤولية صنع أبناء الأمة وبناتها، وإعطاء الأمة انتماءها بالحفاظ على كيان الأسرة.
أخواتي أسعدكن الله ..
القوامة ، القوامة ليست لهوا وعبثا، ونوما متواصلا، إنما هي عمل، وتخطيط، وجهد متواصل في مملكة البيت للمحافظة على أمنه واستقراره.
إن واجب قيم الأسرة، أن يغرس في نفوس أفراد أسرته الدين والمثل السامية، وأن ينمي فيهم حب الله، وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وحتى يكون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب إليهم مما سواهما، ينمي فيهم مخافة الله والرغبة فيما عنده من الثواب.
قال تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق: 37].
لو تأملنا بعض آيات القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لوجدنا أن أهم مقاصد تكوين الأسرة هي:
أولا: إقامة حدود الله وتحقيق شرعه ومرضاته، وإقامة البيت المسلم الذي يبني حياته على تحقيق عبادة الله.
ثانيا: تحقيق السكون النفسي والطمأنينة: قال تعالى: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ... } [الأعراف: 189].
ثالثا: تحقيق أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإنجاب النسل المؤمن الصالح.
رابعا: إرواء الحاجة إلى المحبة عند الأطفال.
خامسا: صون فطرة الطفل عن الرذائل والانحراف.
ذلك أن الطفل يولد صافي السريرة، سليم القلب، فعلينا-معشر المسلمين- تعليم أسرنا عقيدتها، وأن نسلحها بسلاح التقوى، لتحقيق مجتمع أسمى وأمة أقوى.
اللهم ظلل على بيوت الموحدين الأمن، والإيمان، والمحبة، والإخلاص.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

جمع واعداد صفحة أمل
23-5-2013
محاضرة القيتها في مادة الخطابة نسال الله تعالى التوفيق

مواضيع قد تعجبك:


رد مع اقتباس
جديد المواضيع في قسم الفتاة المسلمة حواء المسلمه فتاوى نسائيه

قديم 05-24-2013, 09:08 PM   المشاركة رقم: 2

معلومات العضوة
الكاتبة:
اللقب:
عضوة نادي الألف


افتراضي رد: عليكِ بدفء الأسرة وإياك وصقيع الأصدقاء

تسسلم يمنآإك ع هالطرح آلقيم
بانتظار جديدك ي ـآلغلإآ


رد مع اقتباس

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Content Relevant URLs by vBSEO